إضاءات تربوية | مصفوفة الوقت (هام وغير عاجل)

بَينَ يَدَيِ الإضَاءَات

فهذه مجموعة من المقالات تلقي الضوء على قضايا تربوية وشؤون تدريسية، رُصدت من الميدان التربوي من بيئة المُعلِّمين والمُتَعلِّمين، عارضِةً لتجارِبَ مُفيدة، ومُعالجَةً لتحديّات مُقلِقة، ومُقترِحة سُبُلا لإغناء مواقف التَّعليم والتَّعلُّم في رحاب الجديد الذي يتدفَّق كلَّ يوم؛ وذلك رغبةً في مُشاركة المُعلِّمين -قادة الميدان التربوي- في أداء رسالتهم السامية أداء مِهْنيًّا مُتقنًا.

السيد سيف النصر

تخرجَّ في قسم اللغة العربية واللغات الشرقية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية سنة 1975م، وشرف منذ ذلك الحين بالعمل في الميدان التربوي مُعلّمًا ومُشرِفًا تربويًّا ومُدرِّبًا في بيئات متنوعة ومختلفة. وشارك في أثناء ذلك في منتديات تربوية، ومؤتمرات علمية، تبحث في هموم الميدان التربوي، وتعنى بمستقبله، وتعده إعدادا لولوج القرن الحادي والعشرين وهو ممتلك مهاراته؛ ليقود عمليات التعليم والتعلم قيادة عصرية.

من المعروف أنَّ أعباءَ المعلِّمِ كثيرةٌ ومُتشعِّبةٌ -وهذه هي طبيعة هذه المِهنة– فقد يُكَلَّف بإنجاز بعض المهام التي تتطلب وقتًا وجُهْدا، فماذا يفعل؟ ينبغي أن يتقبّل الأمر بقَبول حسنٍ بعيدٍ عن التَّضجُّر والتّبرُّم؛ حتى يتمكَّن من المُحافظة على صحَّته النَّفسية، وحتى يستطيع أن يُنْجزه إنجازًا مُتقَنًا، فالمعلم ينبغي أن يمتلكَ طاقاتٍ إيجابية تُشِعُّ تفاؤلا وبِشْرًا، ولْيحذر كلَّ الحَذر من الطاقة السلبية التي تجني عليه وعلى عمله. ثُمَّ يَضَع خُطَّةً مُحْكمةً للإنجاز، فالعمل بلا تخطيط هو عمل عشوائي لا يحقق الأهداف المرجُوَّة منه.

 والمُعلِّم أمام هذه التكليفات واحِدٌ من اثنين:

فقد يتراخى ويتكاسل؛ اعتمادا على اتساع الوقت، وظنًّا منه أنّ ما كُلِّف به سيتمكَّن من إنجازه في وقت قصير، ومن ثَمَّ يُسيطِر عليه شيطانُ التَّأجيل والتسويف بحُجَجٍ واهيةٍ، يحاولُ بها أن يُقنع نفسه ويُرضيها، ثم يُفاجأ بأن الوقت داهمه، والمُهْلة المحددة لإنجاز العمل قد انتهت أو كادت، فيُصاب بالتوتُّر، ويسقط في الارتباك!

ويُقبل على تنفيذ المَهمَّة بهذه النفس المضطربة المتعجِّلة؛ فيأتي العمل صورة لنفسه مضطربا فاقدا الجودة المطلوبة، وحاويا كثيرا من المعايب والمثالب! أو قد ينفذ العمل بعد وقته المحدد فيفقد قيمته، ويتعرَّض لمواقف محرجة! 

وقد يقبلُ على المهمة بحماسةٍ ورغبةٍ، وينظّم وقته تنظيما يجعله يؤدي عمله في راحة ورضى، فيعطي لنفسه من الوقت الذي يجعله يُنجز ويُقوِّم ومن ثَمَّ يُحسِّن ويُجوِّد؛ فيخرج العمل في أكمل صورة .

ومن المُفيد في هذا السياق الإشارة إلى مصفوفة الوقت؛ حتى يتمكَّن المعلم من تنظيم وقته تنظيما يجعله قادرا على الإنجاز في الموعد المحدد، وبالجودة والإتقان المطلوبين، فالأعمال التي نُكَلَّف بها  يمكن أن تندرج تحت المصفوفة الآتية:

  • هام وعاجل
  • هام وغير عاجل
  • عاجل وغير هام
  • غير هام وغير عاجل

ما المنطقة التي ينبغي أن يكون فيها عملنا؟

هي المنطقة الثانية (هام وغير عاجل) فيتمكن المرء من الإنجاز؛ لأنَّ الوقتَ أمامَه مُتَّسع، فليس هناك ما يدفعه دفعا إلى العجلة والتسرع،  أما إذا عمل المرء في المنطقة الأولى (هام وعاجل) أي يعمل في آخر لحظة، فالوقت أمامه ضيِّق أشدَّ الضيق! قد تحدُث أمورٌ طارئةٌ تُعيق العمل أو تؤخِّره، فقد يُصاب بِوَعكة أو قد يمرض أحدُ أبنائه، أو قد ينقطعُ التيار الكهربي، أو قد يأتيه ضيفان، أو قد يتعطل جهاز الحاسوب، أو قد يحدث زلزال!

 نعم! كل ما ذكرته أعذار اعتذر بها من تأخَّر في تنفيذ عمل، أو من أنجز عملا مشوَّها!

فأنا إذن أنظم وقتي وأعمل في منطقة ( هام وغير عاجل )