عاصم السيد
إن يبدأ الحديث عن اللغة حتى تَرِد موضوعات النحو في الأذهان، ونتأفَّفُ من القواعد المحفوظة، وإن النحو فرع أساس من اللغة العربية لا شك، إنه فرع المعنى،
ما إن يبدأ الحديث عن اللغة حتى تَرِد موضوعات النحو في الأذهان، ونتأفَّفُ من القواعد المحفوظة، وإن النحو فرع أساس من اللغة العربية لا شك، إنه فرع المعنى، به نعرف الفاعل من المفعول، لكن وحدة بناء أي لغة هي الحروف، وما الحروف إلا أصوات، وقد ذكرنا تعريف ابن جني للغة إذ قال: “اللغة أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم”، وإننا نريد في هذا الفصل أن نتعرض إلى صفات الحروف العربية، ونتقن أصواتها، التي مسختها العاميّات، وأهالت عليها التراب طرائق تدريس العربية في مدارسنا التي لا استماع فيها ولا تحدّث. إن صفات الحروف العربية علم كبير، وصل إلينا عبر جهود علماء عظام، بحثوا وأنشؤوا وطوروا قرنًا بعد قرن، فقد كانت العربية بادئ عهدها تُكتب دون نَقْط أو شَكْل، فلا تتميز بالنقاط الباء عن التاء أو الثاء أو الياء أو النون، وليس على حروف العربية كسرة أو ضمة أو فتحة أو سكون، فكيف نقرأ مثلًا الجملة “تبينوا من الخبر” فالكلمة الأولى قد تكون (تبينوا) وقد تكون (تثبتوا)، والكلمة الثانية قد تكون (الخبر) أو (الحبر) أو (الخبز)، لكن العربي الذي فُطَم على العربية وشب عليها، كان يقرأ الكلام دون نِقْطٍ أو شَكْلٍ، مُمَيِّزًا بين الحروف المتشابهة في الرسم، وواضعًا الكسرة والضمة والفتحة والسكون كلًّا في موضعه، معتمدًا على سليقته اللغوية وفهمه لسياق الكلام، أما تذكرون معي قول الأعرابي: ولست بنحويٍّ يلوك لسانه ولكن سليقيٌّ أقول فأعربُ وعند دخول أمم أعجمية في الإسلام، لا تملك هذه السليقة العربية، ظهر اللَّحْن، واللَّحْنُ هو الغلط في النطق، وهو نوعان، لحنٌ جَليٌّ وهو الغلط في النحو، ولحن خَفيٌّ هو الغلط في أصوات الحروف، فوجّه الإمام علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- إمامًا من التابعين وهو أبو الأسود الدؤلي لوضع علم النحو وذلك في القرن الأول الهجري، وقد ابتكر أبو الأسود نَقْطًا يوضح حركاتِ أواخر الكلمات، فكان يقول لفتاه: “إذا وجدتي أفتح شفتيَّ بالحرف فضع نقطةً أعلاه، وإذا وجدتني أضم شفتيَّ بالحرف فضع نقطة أمامه، وإذا وجدتني أكسر شفتي بالحرف فضع نقطة أسفله” وسُمِّيَ هذا النَّقْطُ نَقْطَ الإعْرَاب.ب- إن المسافة المعيارية بين فمك والمايكروفون شِبْر، تقيسه بيدك من جسم المايكروفون لا من المنقّي المثبّت عليه (Pop filter)، إذ تضمن هذه المسافة ألا يلتقط المايكروفون أصوات فرقعة الهواء أثناء نطق بعض الحروف، ولكن لذلك أن يتغير عند تسجيل جملة بصوت مرتفع نسبيًّا، أو بصوت هامس –على أن يكون واضحًا-، فنقترب ونبتعد حسب تعليمات مهندس الصوت.
ت- ارتدِ ملابس قطنية بسيطة ومريحة، لتتحرك وتتنفس بيُسر، وإن بعض المعاطف والملابس الصوفية تصدر أصواتًا عند أقل حركة، وكذلك تجَنَّبْ ارتداء الساعات والإكسسوارات أثناء التسجيل، إن مايكروفون الاستديو حساس جدًا، يلتقط هذه الأصوات، ومن الصعب على مهندس الصوت إزالتها عند تحرير التسجيل، خاصة إذا جاءت وراء صوتك.
ث- لا تتناول الطعام قبل التسجيل مباشرة، ولا تتناول حبوب استحلاب أو تمضغ علكة، فقد تقضي الوجبة على أنفاسك، وإنها لا شك تُجري ريقك، ومايكروفون الاستديو الحساس يسمع أصوات الريق الجاري في فمك أثناء الجُمل، تناول الطعام قبل بضع ساعات من التسجيل، وإن أردت تناول مشروب ساخن فليكن ذلك قبل التسجيل بنصف ساعة على الأقل
ج- يبدأ كل تسجيل بأن يطلب منك مهندس الصوت عينة مما ستسجله ليضبط أدواته حسب مستويات الصوت، ويوجهك بالاقتراب من المايكروفون أو الابتعاد عنه، نبِّهْهُ إلى أي جملة سترفع فيها صوتك أو تخفضه عن المألوف أثناء التسجيل، أدِّ هذه العينة الصوتية أداءً حقيقيًّا كأنك تسجل فعلًا، ولتكن بداية التسجيل على الدوام ثوانٍ فارغة لتسجل صوت الغرفة، فإن ذلك مفيد في تنقية الصوت عند تحرير التسجيل.
ح- إذا أخطأت في كلمة، أعِد الجملة كاملة، ولا تعِد الكلمة وحدها، لأن أي لغة تتضمن حال وصل القراءة ظروفًا خاصة، فبعض الحروف ينطق وبعضها لا ينطق، وليس الساكن كالمتحرّك، قد يكون الغلط لغويًّا أو لعثمةً أو أداءً، صحح أغلاطك على الدوام فورًا فذلك أتقن للعمل، وأضمن أن لا تنسى العودة إليه، وكذلك اطلب من مهندس الصوت عند الإعادة أن تستمع إلى الجملة السابقة للتي تعيدها، وألقِها بنفس الأداء أثناء سماعك إيّاها، سيضغط مهندس الصوت زر التسجيل عند بداية الجملة الخطأ، وإنما نعيد أداء الجملة السابقة للخطأ لكي نستمر على وتيرة أداء واحدة، ومستوى صوتي متّسق، وسينبهك مهندس الصوت المحترف إذا تغير أداؤك أو علا أو انخفض صوتك عما كان فيما قبل.
خ- لا تقلب الصفحة أثناء الحديث، إن الأصوات التي تحدث متزامنة مع صوتك في التسجيل صعبة الإزالة إن لم تكن مستحيلة، فاحرص أن تكتب الجملة الأخيرة في كل صفحة كاملةً فلا تضطر لقلب الصفحة أثناء الأداء، عندما تصل إلى ختام الصفحة، اصمت، ثم اقلب الصفحة، ثم تابع.
د- إذا استطعت الاستماع إلى التسجيل قبل مغادرة الاستديو فهذا أمر مهم للغاية، لتصحح أي غلط في التسجيل، أو أن يستمع إليك مُراجِع أثناء التسجيل لينتبه إلى ما تسهو عنه، خاصة في الأعمال الكبيرة والممتدة، لا بد من مراجعة لحظية ساعةَ التسجيل، ثم مراجعة نهائية عقب التسجيل.