متى يبدأ عمل فنان الأداء الصوتيِّ؟
تبدأُ مهمّة فنان الأداء الصوتي منذ أن يقع النصُّ بين يديه. غير أنَّ تسجيلَ الصوتِ لا يعني فقط أن تتقن الإلقاء، بل أن تُجيد فَهمَ النصِّ وضبطَه لغويًّا، نَحوًا ومعجمًا، قبل أن ترفع الميكروفون.
ضبط النص من الناحية النحويّة
لا بد للمؤدي الصوتي من معرفة قواعد النحو الأساسية: المبتدأ والخبر، الفاعل والمفعول، الجارُّ والمجرور، وعليه أن يُتقن مواضع الحركات: الفتحة والضمة والكسرة.
ولا يغني تشكيلُ النص عن فطرةٍ لغويةٍ سليمة؛ فالنصُّ المشكول لا يُجدي نفعًا إن نطقه لسانٌ لا يعرف العربية، ولا يحسن التفريق بين مرفوعٍ ومنصوب.
أهمية الرجوع إلى المعاجم
وأما من جهة المعجم، فالعجبُ من المؤدين الذين لا يبحثون عن معاني الكلمات!
خذ مثلًا كلمة: “يَغْفُل”.
آلصحيح أن نقول: “يَغفَل”، أم “يَغفُل”، أم “يَغفِل”؟ بفتح الفاء أم بضمها أم بكسرها؟
البحث في موقع الباحث العربي يُفيدنا بأن الصحيح هو: “يَغفُل” بضم الفاء، فقط، لا غير.
كما ينبغي التفرقة بين الكلمات ذات المعاني المتعددة بحسب التشكيل، مثل:
-
البَرُّ: الأرض اليابسة،
-
البُرُّ: القمح،
-
البِرِّ: الإحسان.
وأنصح بحمل نسخةٍ ورقيّة من المعجم الوسيط – إصدار مجمع اللغة العربية بالقاهرة – فإنّ كثيرًا من المعاني لا تظهر في المعاجم القديمة وحدها.
مثلًا: في لسان العرب تعني “القهوة” الخمر، بينما في المعجم الوسيط تجد المعنى العصري المعروف: شراب البُن.
الأداء الناطق بالفهم
مؤدّي الصوت لا يقرأ، بل يُعبِّر، لذا عليه أن يَفهَم النص فهمًا عميقًا، ليستخرج روحه، ويُحدّد مزاجه العام:
-
متى يَرفع صوته؟
-
متى يَخفضه؟
-
متى يُسرع؟
-
متى يُبطئ؟
إنَّ تحديد مَواطن الوقف، والنغمة، والانفعال، لا يُترك لعَفو البديهة، بل ينبع من قراءةٍ واعية.
خاتمة
ليست الاستوديوهات أماكن تدريب، بل هي منصّات تنفيذ. فإن أردت أن تُصبح مؤديًا صوتيًّا متقنًا، فابدأ بضبط النص لغويًّا، نحوًا ومعجمًا، واجعل لسانك سليمًا قبل أن تُمسك بالميكروفون.