قواعد ذهبية لفن الأداء الصوتي

في غرفة التسجيل مع المايكروفون: كيف نحيا مع النص؟

قواعد ذهبية لفن الأداء الصوتي

في هذا الدرس نتناول المهارات الأساسيّة لدى المؤدِّي الصوتي، إنها قواعد من ذهب، إن التزمتَ بها أتقنتَ وأبدعت بإذن الله.

يتخيَّل الناس فنان الأداء الصوتي رجلًا يقرأ أوراقًا أمام المايكروفون، يقف في غرفة التسجيل وحيدًا، وما هو إلا قطعة من حديد، ويفصله عن مهندس الصوت زجاجٌ عازل أو عدسة كاميرا. فكيف يستطيع أن يَحيا مع النص ويعبّر عنه؟

القاعدة الأولى: مَثِّل… لكن بصدق

ولا أعني بالتمثيل هنا التزييف أو التصنّع، إنما أعني أن تتوحّد مع النص، وكأن الكلمات كلماتك أنت، تتحرّك معها مشاعرك وأفكارك وجوارحك.

ابتسم عندما تعبِّر عن معنى سعيد، واعبس إذا كان النص حزينًا، ولتتحرّك تقاسيم وجهك بالدهشة والغضب والخوف والفخر، وكل انفعال تؤدّيه. لا تظنَّ أن الحركة أمام المايكروفون الحديدي ستجعلك تبدو مجنونًا – بل قد تبدو كذلك قليلًا – لكن أداءك سيكون صادقًا ومعبِّرًا.

إنَّها معادلة سهلة: ما تؤديه بجسدك يَخرج في صوتك.
إن ابتسمت، ظهرت نغمة الفرح في كلامك. وإن لم تفعل، وصل صوتك إلى المستمع باردًا جافًّا، تمله الآذان.

الميكروفون لم يعد قطعة حديد، بل أصبح أذن صديقك، وهذا هو الفارق بين القراءة والأداء. إنّنا معشر فناني الأداء الصوتي لا نقرأ أمام المايكروفون، وإنما نؤدّي، وكل فرد من الجمهور يسمعك كأنك تحدثه وحده.

 الأداء الصادق سرّ التأثير

امنح المستمع اهتمامك ومشاعرك، كما تفعل في أي محادثة. الهدف هنا ألّا يشعر المستمع أنك تقرأ له، وإنما تُحدّثه.

من أهل الفنون من يهزّ الأفئدة بأدائه الصادق المؤثِّر.
خذ مثلًا: قرّاء القرآن الكريم، كعبد الباسط عبد الصمد – رحمه الله – أو د. أحمد نعينع، حين تراهم في لحظة تجلٍّ، ترى وجوههم تنقبض وتنبسط، وأجسادهم تهتز مع المعاني.
كذلك أم كلثوم، ما أكثر من يفضّل مشاهدتها لا سماعها فقط، لرؤية تعبيرات وجهها في كلمات الدلال أو الحب أو العتاب.

وإذا أردت أن تغوص في بحر المشاعر فاستمع إلى محمود درويش، سميح القاسم، عمر أبو ريشة، أحمد بخيت، وانظر إلى أدائهم. ولا تنسَ فنّاني المسرح، فهم أساتذة الإلقاء، ومنهم تتعلَّم الصدق والتوازن والتمكُّن.

القاعدة الثانية: كن على طبيعتك

مطلوب في الأداء الصوتي بعض المبالغة لتصل معانيك إلى قلوب المستمعين، لكن لا تُبالغ إلى حدّ التكلّف والتصنّع. استخدم مشاعرك الحقيقية، مخزونك الوجداني من الفرح والترح الأحاسيس الإنسانية كافة .

واعلم أنَّ قدر المبالغة يختلف باختلاف طبيعة النص، فمثلًا:

  • عمل صوتي للأطفال يتطلَّب قدرًا من المبالغة أكبر.

  • تقرير إذاعي عن موضوع اجتماعي يحتاج أداءً رصينًا متّزنًا.

كن صادق الأداء، ولا تكن مزيّفًا أبدًا.

ترقَّب الدرس القادم

إذا حان وقوفك أمام المايكروفون في الاستديو، فهناك آداب وقواعد لا بد من التزامها…
نتعرض لها بإذن الله في الحلقة القادمة.