الأغلاط الصوتية الشائعة
عاصم السيد
في هذا الدرس نتعرض إلى الأغلاط الصوتية الشائعة وهي كالآتي:
أ- أغلاط الهمس والجهر: بعض الحروف متقاربة المخرج مختلفة الصفات، فإذا تجاورت في النطق طغى إحداها على الآخر نطقًا، ومن ذلك الخلط بين الحرف المهموس ونظيره المجهور أو العكس، فالسين والزاي كما ذكرنا حرفان من أحرف الصفير، لكن السين مهموسة يصحب نطقها جريان للنفس، والزاي مجهورة على عكسها لا يصحب نطقها جريان للنفس، وقد سمعت من ينطق الزاي في الفعل “يُزجي” سينًا فيقول “يسجي” ويختلف المعنى، يقول تعالى في الآية السادسة والستين من سورة الإسراء: رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66) أي يسير لكم السفن في البحر، بينما الفعل يُسْجي أي: غطَّى شيئاً ما.
ومن الأغلاط الشائعة كذلك الهمس بعد الدال الساكنة في آخر الكلمة، فتبدو تاءً، وقد طلبت من متدربيَّ تسجيل الجملتين الآتيتين تباعًا، “كتبتُ الكلمات” و“قطفت الورد” واستبدلت صوت الدال من الموجة الصوتية الخاصة بالجملة الثانية بهمس التاء في الموجة الصوتية الخاصة بالجملة الأولى، وعجبًا فإن الدال كالتاء، والصحيح أن التاء شديدة مهموسة، يصاحب أول نطقها إغلاق كلي لمخرج الحرف، ثم يتلو ذلك همس وجريان للنفس، أما الدال فحرف مجهور شديد، ومقلقل عند السكون، فلا يجري معه النفس. وسمعت مقدّم الأخبار وهو يقدّمها سريعًا يقول “إليكم نشرة الأغبار”، والخاء والغين كلاهما يخرج من أقصى الحلق، لكن الخاء مهموسة والغين مجهورة، ولعل وجود الخاء المهموسة بين حرفين مجهورين هما الهمزة والباء يشدُّ لسان المؤدي لينطق حرفًا مجهورًا لا جريان للنفس مع نطقه، والصحيح أن نحرص أن نعطي كل حرف حقه، حتى يتعوّد جهاز النطق، ويصير الأمر سليقيًّا. وكذلك الأمر في الكلمة “تعتقد” فالعين المجهورة تقع بين تائَيْنِ مهموستَيْن.
فإذا جرى النفس مع نطق العين صارت حاءً وسمعنا “تحتقد”، وإن العين والحاء يخرجان من وسط الحلق. ب- أغلاط التفخيم والترقيق: لقد سمعت إمامًا يقرأ “اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُصْطَقِيم”، لقد فخّم السين والتاء، حتى صارتا كالصاد والطاء، وسمعت أيضًا من يلقي النصف الأوَّل من التشهد فيقول: “والصلواط والطيِّباط”، فينطق الواو وألف المد مفخمتين فلا يستطيع ترقيق التاء فتأتي مفخمة أيضًا قريبة من صوت الطاء، والواو وألف المد تبعًا لها صوتان مرققان وكذلك التاء صوت مرقق، ولو طلبت من الشخص نفسه أن ينطق الفعل “بات” لنطق التاء مرققة، لكنه يقول “الطيباط” ربما تأثّرًا بالعامية التي تغلِّبُ التفخيم، وتسمعه يقول أيضًا “رحمة” بميم مفخمة، والميم مرققة على الدوام، وينادي ابنته “رباب” بتفخيم الباء وألف المد كما في عامية القاهرة، ولكنه يقول “باب” و“أحباب” بترقيق الباء والألف، لعل وجود حرف الراء المفخم لأنه مفتوح يشد اللسان ليفخم ما يتلوه من أصوات. وكثيرًا ما يهمل المؤدي الصوت الأخير في الجملة إذ يكون ساكنًا، مثل قولنا “شيطان” و“تحقيقات” فالكلمتان تنتهيان بحرفين مرققين على الدوام هما النون والتاء، ولكن كليهما مسبوق بحرفَين مفَخمين هما الطاء وألف المد في كلمة “شيطان”، والقاف وألف المد في كلمة “تحقيقات”، فنسمع النون الساكنة في الكلمة الأولى مفخمة، ونسمع التاء في الكلمة الثانية مفخمة، والصحيح ترقيقهما لا تنسوا متابعة عنادل على يوتيوب، ما رأيكم في درس اليوم الوجيز؟ لا تحرمونا الرأي والسؤال على الدوام