مهمة فنان الأداء الصوتي قبل التسجيل
عاصم السيد
تبدأ مهمة فنان الأداء الصوتي مذ يقع النص بين يديه، بالتحضير لتسجيل النص، بأن يضبطه لغويًّا من ناحِيَتَيْن، أما الأولى فمن حيث النحو، فلا بد له أن يعرف المبتدأ والخبر والفاعل والمفعول والجار والمجرور، ويضع الفتحة والضمة والكسرة كلًّا في محله، ولا سبيل إلى ذلك إلا بإتقانه للنحو، وأعجب ممن يصر على عدم التعلم والاعتماد على مدقق لُغوي لتشكيل النص وضبطه، وأقول وإن كان النص مُشَكَّلًا فلن يستطيع صاحب اللسان المعوجِّ أن ينطق نُطقًا صحيحًا، لا بد للمؤدي أن يكون ذا سليقة لغوية سليمة، وأما الثانية فمن ناحية المعجم، ونضرب المثال الآتي: “يغفل المؤدون الصوتيون عن البحث في المعجم”، ألصحيح أن نقول “يغفَل”بفتح الفاء؟ أم الصحيح ضمّها “يغفُل”؟ أم الصحيح كسرها “يغفِل”؟ إن الصحيح أن نبحث في المعجم، وذلك عبر موقع الباحث العربي: www.baheth.info
وهو محرك بحث يحوي خمسة معاجم عربية قديمة، الصِّحَاح ولسان العرب والقاموس المحيط والعباب الزاخر ومقاييس اللغة، ولو بحثت عن الكلمة “يغفُل” لوجدتها مضمومة الفاء، ولم ترد مكسورة أو مفتوحة قط، ولو بحثت مثلًا عن كلمة “رخو” لوجدتها مثَّلَّثة، أي أن الراء تأتي مفتوحة ومضمومة ومكسورة بنفس المعنى، وليس ذلك قاعدة، فإنك تجد كلمة “بَر” بفتح الباء بمعنى اليابسة، وبضم الباء “بُر” بمعنى قمح، وبكسر الباء “بِر” بمعنى الإحسان، فاجعل المعجم جليسك، وكلنا يملك الهواتف الذكية، ولا تنسَ أن تحمل معك كذلك نسخة من المعجم الوسيط، وهو معجم حديث من إصدار مجمع اللغة العربية بالقاهرة، فإنك لو بحثت في لسان العرب عن لفظ “قهوة” لوجدت أن القهوة هي الخمر؛ لأنها تُقهي صاحبها عن الطعام، أي تسد شهيته، وعندما تبحث عن مادة “قَهَوَ” في المعجم الوسيط، تجد إضافة إلى معنى الخمر، شراب مُغْلى البن، والمكان الذي تُشرب فيه القهوة ونحوها. ومهمة المؤدي الصوتي أن يفهم معنى الكلام فهمًا جيّدًا، لينقب عما فيه من معانٍ ومشاعر، ويحدد بذلك روح الأداء العام للنص، وطريقة أدائه لكل جملة، متى يرفع صوته ومتى يخفضه، متى يحبسه ومتى يطلقه، متى يسرع ومتى يبطئ، ومتى يكون حديثه ذا رقة ومتى يكون ذا فخامة، وبفهمه معنى الكلام يحدد أماكن وقفاته وأنواعها، وعليه أن يتقن الأداء قبل أن يتوجه إلى الاستديو، إنما الاستديو موقع التنفيذ.