إضاءات تربوية | الطاقة الكامنة

بَينَ يَدَيِ الإضَاءَات

فهذه مجموعة من المقالات تلقي الضوء على قضايا تربوية وشؤون تدريسية، رُصدت من الميدان التربوي من بيئة المُعلِّمين والمُتَعلِّمين، عارضِةً لتجارِبَ مُفيدة، ومُعالجَةً لتحديّات مُقلِقة، ومُقترِحة سُبُلا لإغناء مواقف التَّعليم والتَّعلُّم في رحاب الجديد الذي يتدفَّق كلَّ يوم؛ وذلك رغبةً في مُشاركة المُعلِّمين -قادة الميدان التربوي- في أداء رسالتهم السامية أداء مِهْنيًّا مُتقنًا.

السيد سيف النصر

تخرجَّ في قسم اللغة العربية واللغات الشرقية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية سنة 1975م، وشرف منذ ذلك الحين بالعمل في الميدان التربوي مُعلّمًا ومُشرِفًا تربويًّا ومُدرِّبًا في بيئات متنوعة ومختلفة. وشارك في أثناء ذلك في منتديات تربوية، ومؤتمرات علمية، تبحث في هموم الميدان التربوي، وتعنى بمستقبله، وتعده إعدادا لولوج القرن الحادي والعشرين وهو ممتلك مهاراته؛ ليقود عمليات التعليم والتعلم قيادة عصرية.

كنتُ مذ وطئت قدمي هذه المدرسة الخيِّرة، أسجل مشاهداتي وخواطري تحت عنوان: (يحدث في المدرسة)؛ وذلك رغبة في التطوير والتحسين، وتجمَّعت لديّ مادة كثيرة، فعدت أقرأها؛ فهالني ما كتبت! وأُصبت بشيء من الضيق! بل الاكتئاب! فأنا كنت قادما من بيئة مختلفة، فكل شيء يحدث في المدرسة أنظر إليه بعين الغريب الطارئ، وعين الغريب الطارئ هي عين ناقدة، تنجذب انجذابا نحو الجوانب التي في حاجة إلى تعديل وتحسين!

وقالت لي النفس: اطرح عنك هذا الذي جمعت، وقد زالت عنك الآن صفة الغريب الطارئ، وغدوت من أهل البيت، فلماذا لا تكتب عن الظواهر التي تعجبك وتمثل جوانب إيجابية؟ وما أكثرها! 

قلت لها: بوركت أيتها النفس؛ فهذه الظواهر الطيبة في حاجة إلى دعم ومساندة، وفي حاجة أيضا إلى إذاعة ونشر، فإذا فعلنا ذلك فسوف يتكوَّن لدينا جيشٌ عَرمْرَمٌ من الإيجابيات، يطرد ما قد يكون لدينا من سلبياتٍ طردا لا عودة له!

ومن هذه اللحظة عقدت العزم على أن أكتب تحت عنوان: (أعجبني في المدرسة)

 أرسلُه عبر البريد الإلكتروني إلى فريق المدرسة وبخاصة فريق القيادات التربوية والإدارية، أو أنشرُه في مواقع التواصل؛ آمِلا أن يلقى اهتمامًا، يَلدُ مُقتَرحاتٍ بنّاءةً، وتعليقاتٍ مفيدةً، تُسهم في تطوير الأداء في مدرستنا، وتسعى بها لتأخذ مكانها بين أفضل المدارس، وحسْبُه أن ينشر ثقافة، وأن يصنع موضوعا لحوارات جِدِّية.

والله وليُّ التوفيق

الطاقة الكامنة

كنَّا في مستهل الحصة السادسة، والمعلمون قد ولجوا إلى صفوفهم، ماعدا صفًّا بقي نفرٌ من طلابه يلعبون أمام بابه! تطوَّر اللعب إلى بداية لمشاجرة!

لمح الموقفَ المشرفُ الذي يقف بعيدا في الطرف الآخر، وإذا به يركض ركض الشابِّ ابنِ العشرين في سباقٍ ماراثوني! وانطلق مُندفعا إلى الصفِّ كالسهم!

فكان أسرع مني إلى الصفِّ رغم أنني كنت الأقرب!

فوجد الشِّجار قد أخذ يتطور إلى تشابكٍ بالأيدي، فقضى على الموقف في حزم! وقطعَ دابرَ فِتنةٍ، قد تتطوَّرُ إلى عواقبَ غيرِ حَميدة!

قالت لي النفس:

إنَّ الإخلاصَ في العمل، والانتماءَ إلى المؤسسة، يُفجِّران في الإنسان طاقاتٍ قويةً كامنةً تصنعُ المستحيل، وتجعلُ صاحبَها مُتوقِّدَ الذهن حاضرَ البديهة، يُحسنُ التصرف في المواقفِ كلِّها، وبخاصةٍ المواقف الطارئة، وتجعل صاحبها صاحب هِمَّة عالية، ونشاطٍ مُتدفِّق.

وقالت لي النفس أيضا:

لو يعلم الزميل المعلمُ كم من المفاسد تحدث؛ بسبب تأخره عن حصته لبضع ثوان، لوجدناه أمام صفِّه قُبيل جرس نهاية الحصة لو كان متفرغا، ولرأيناه يسرع إلى صفه غير مكترث بأحاديث جانبية تعترض طريقه!

لله درك يا أستاذ عاهِد!

أعرف أسماء تأتي على وزن الفعل المضارع أو الماضي مثل يعرب وجاد الحق وفتح الله، ولكن لم أجد علما على وزن فعل الأمر إلا عاهد!